خلق الجنين في أطوار
آيات الإعجاز:
قال الله تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْبَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُالْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [الزمر: 6].
أحاديث الإعجاز:
عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذامرّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً، فصوّرها وخلق سمعهاوبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى، فيقضي ربك ماشاء، ويكتب الملك" رواه مسلم في كتاب القدر.
فهم المفسرين:
قال ابن كثير في تفسيره: "قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:{مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ}: يعني ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعاواختلطا ثم ينتقل بعد من طور إلى طور ومن حال إلى حال ومن لون إلى لون".
فهم علماء الحديث:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]قالالإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى في كتابه "طريق الهجرتين": "إنللملك ملازمة ومراعاة بحال النطفة، وإنه يقول: يا رب، هذه نطفة.. هذهعلقة.. هذه مضغة، في أوقاتها، فكل وقت يقول فيه ما صارت إليه بأمر الله..وهو أعلم بها، وبكلام الملك، فتعرُّفُه (أي الملَك) في أوقات، أحدها حينيخلقها الله نطفة ثم ينقلها علقة، وهو أول أوقات علم الملك بأنه ولد".
مقدمة تاريخية:
منذ أن لخص أرسطو النظريات السائدة في عصره والمتعلقة بتخلق الجنين، استمرالجدل بين أنصار نظرية الجنين الكامل القزم الموجود في ماء الرجل وبينأنصار نظرية الجنين الكامل القزم الموجود في بويضة المرأة، ولم يتنبّه أحدمن الفريقين إلى أن كلاً من حوين الرجل وبويضة المرأة يساهمان في تكوينالجنين، وهو ما قال به العالم "سبالانزاني" (Spallanzani) سنة 1775م.
وفي عام 1783 تمكن "فان بندن" (Van Beneden) من إثبات هذه المقولة وهكذا تخلت البشرية عن فكرة الجنين القزم.
حقائق علمية:
في عام 1775م قدّم "سبالانزاني" (Spallanzani) نظريته التي تقول بأن كلاًمن الحوين المنوي للرجل وبويضة المرأة يساهمان في تكوين الجنين البشري حيثيقوم الحوين بتخصيب البويضة التي تبدأ بعدها بالانقسام لتتكون الخلاياالأولى للجنين.
التفسير العلمي:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يقول الله تعالى في الآية السادسة من سورة الزمر: {يَخْلُقُكُمْ فِيبُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّىتُصْرَفُونَ}.
لقد جاء القرآن الكريم بحقائق عن خلق الإنسان لم تكن البشرية قد عرفتهابعد، ومن أهم هذه الحقائق تقرير أن خلق الإنسان لم يكن دفعة واحدة وإنمامر بمراحل مختلفة تدرج فيها الجنين البشري من النطفة إلى العلقة إلىالمضغة إلى تكوّن العظام ثم كساء العظام باللحم ثم اكتمال الخلق.
ورغم بداهة هذه الحقيقة العلمية عند علماء الأجنة اليوم إلا أنها ظلتمندرسة عبر قرون متطاولة من عهد الفراعنة واليونان القدماء، مروراًبالحضارة العربية الإسلامية وانتهاء بعصر النهضة واكتشاف الميكروسكوب.
فقد تعددت التصورات والنظريات، فـ أرسطو قال بأن الإنسان يتكون من دمالحيض وقد سيطرت هذه النظرية على العقل البشري زماناً طويلاً، ثم جاءالاعتقاد بأن الإنسان يكون مخلوقاً خلقاً تاماً في حوين الرجل، بينمااعتقد فريق آخر من العلماء أنه يُخلق في صورة قزم في بويضة المرأة.
ولقد كان انعدام الوسائل العلمية التقنية عائقاً حال دون تقدم العقل البشري في هذا الموضوع.
واستمر الجدل العلمي قائماً حتى سنة 1775م حينما اعتبر "سبالانزاني" بأنكلاً من حوين الرجل وبويضة المرأة يساهمان في تكوين الجنين البشري حيثيقوم الحوين بتخصيب البويضة التي تبدأ بعدها بالانقسام لتتكون الخلاياالأولى للجنين.
وهكذا لم يتخلّ العلم التجريبي عن فكرة القزم البشري حتى أواخر القرنالثامن عشر، في حين أن القرآن الكريم قد أشار إلى ذلك صراحة قبل أحد عشرقرناً فقال سبحانه وتعالى: {يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق فيظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون} [الزمر:6].
وقد قال علماء التفسير بأن عبارة "خلقاً من بعد خلق" تعني أن الإنسان يمرخلال عملية تخلقه بمراحل متتابعة فصلها القرآن في سورة المؤمنون (12-14)حيث قال عز وجل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَاالنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَاالْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُخَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}.
كما روي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: من نطفة أمشاج قوله: "يعني ماءالرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا ثم ينتقل بعد من طور إلى طور ومنحال إلى حال ومن لون إلى لون".
وهذا ما كشف عنه علم الأجنة الحديث في القرن الثامن عشر، تصديقاً لقوله تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}.
وجه الإعجاز:
وجه الإعجاز في الآيات القرآنية هو تقريرها صراحة بأن الإنسان يمر خلالتخلقه بمراحل متتابعة، وأنه لا يُخلق دفعة واحدة في صورة قزم، وهذا ماكشفت عنه دراسات علم الأجنة الحديث.