الحجاج ما له وما عليه (6)...هل قصد الحجاج هدم الكعبة ؟

الحجاج ما له وما عليه (6)

هل قصد الحجاج هدم الكعبة ؟

معظم الناس ينتقد (الحجاج) فى كثير من المواقف ويحمله كل مسؤلية الأحداث ولعل من أبرزها الموقف الذى سنتحدث عنه اليوم وهو ضرب (الحجاج) للكعبة المشرفة بالمنجنيق.

لكن لو نظرنا لهذا الموقف نظرة مجردة ونظرة إنصاف ، سيتبين لنا أن (الحجاج) لا يستحق شيئا مما وجه إليه من لوم ونقد ، ولو ناقشنا هذا الأمر بعيدا عن المؤثرات التى تأثر بها الناس (من حبهم لعبد الله بن الزبير ومكانته الدينية وكرههم للحجاج) وربطنا الحوادث بظروفها سنرى الأمر مختلفا ، ولو نظرنا بنظرة أهل الشام إلى (عبد الله ابن الزبير) سنجده خارجا على الخلافة ، لأن جميع البلاد قد بايعت الأمويين ولم يتبق إلا مكة فاعتقد أهل الشام أنه يحل مقاتلة (عبد الله ابن الزبير) فى أى زمان وأى مكان ، ويدل على ذلك أنه لما علم أهل دمشق عن إنتصار (الحجاج) كبروا فرحا وسرورا.

أما (الحجاج) حينما سلط المنجانيق على الحرم فبالطبع لم يكن يقصد الكعبة ويدل على ذلك أنه حينما كلمه جماعة من الصحابة أن يكف المنجانيق حتى ينتهى الناس من الطواف
فقال لهم (الحجاج) : " إنى والله لكاره لما ترون ، ولكن (إبن الزبير) لجأ إلى البيت ، والبيت لا يمنع خالع طاعة ولا عاصيا ، ولو أنه إتقى الله وخرج إلينا ، فإما أن يظفر وإما أن نظفر ، فيستريح الناس من هذا الحصر"

وفضلا عن إعتقاد (الحجاج) الشخصى ، فإنه كان قائد جيش الخليفة ، فكان لزاما عليه أن يكون تحت إرادته ، وهو لم يدخل مكة إلا بعد إستشارة الخليفة (عبد الملك) وإذنه له فى الحصار ، بل يروى أن الخليفة هو الذى أمره بالحصار.

لذلك أقول إن نظرنا بعين الإنصاف سنجد (الحجاج) معذورا ومأمورا ، وسنجد الهدف الأسمى له هو توحيد المسلمين على خلافة واحدة (الخلافة الأموية) ، فنجد هدفه واضحا ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف فعل الكثير والكثير وربما أداه إجتهاده إلى الخطأ فى بعض الأمور ولكن ستجد الحجة معه إن نظرت للأمر بإنصاف .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وأما ملوك المسلمين من بني أمية وبني العباس ونوابهم : فلا ريب أن أحدا منهم لم يقصد إهانة الكعبة ، لا نائب يزيد ، ولا نائب عبد الملك : الحجاج بن يوسف ، ولا غيرهما ؛ بل إن المسلمين كانوا معظمين للكعبة ، وإنما كان مقصودهم حصار ابن الزبير ، والضرب بالمنجنيق كان له لا للكعبة ، ويزيد لم يهدم الكعبة ولم يقصد إحراقها ، لا وهو ولا نوابه باتفاق المسلمين ، ولكن ابن الزبير هدمها تعظيما لها ، لقصد إعادتها وبنائها على الوجه الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها ، وكانت النار قد أصابت بعض ستائرها فتفجر بعض الحجارة ، ثم إن عبد الملك أمر الحجاج بإعادتها إلى البناء الذي كانت عليه زمن رسول لله صلى الله عليه وسلم إلا ما زاد في طولها في السماء فأمره أن يدعه فهي على هذه الصفة إلى الآن " انتهى من "منهاج السنة النبوية" (4 /348) .

يتبع ..........

المصادر :
- الحجاج المفترى عليه ... د - محمود زيادة
- مروج الذهب ... المسعودى
- المنتقى فى أخبار أم القرى
- أنساب الأشراف ... البلازرى
- منهاج السنة النبوية