الحجاج (9)
إصلاحات الحجاح الدينية
لم يقتصر نشاط (الحجاج) على الميدان السياسى ، ولم تقف همته عند القضاء على الثورات وتسيير الجيوش للفتوحات ، بل تعدى كل ذلك إلى ميدان الإصلاحات الدينية والإجتماعية.
عنايته_بالقرءان
- كان (الحجاج) فى مقدمة المسلمين الذين عملوا جاهدين على المحافظة على كتاب الله ، وكان يقرأ القرءان فى كل ليلة ، كما فى بعض الروايات ، أو يقرأ ربعه فى كل ليلة كما فى البعض الآخر ، ويروى (ابن الجوزى) أن (الحجاج) كان يقرأ القرءان كله فى ركعة واحدة فى جوف الكعبة.
- أمر (الحجاج) بمراجعة القرءان وتنقيط كلماته وتشكيله وتجزئته ، ثم كتب عدة مصاحف وبعث بها إلى الأمصار حتى لا يختلف الناس ، وكان سبب ذلك أن المصحف الذى كتبه الخليفة (عثمان) فى سنة ثلاثين من الهجرة كان غير مشكول ولا منقوط .
فلما دخل الإسلام أناسا غير العرب من الفرس وغيرهم وظهر اللحن على الألسنة ، خيف على القرءان أن يلحن فى قراءته ، فطلب (زياد بن أبيه) إلى (أبى الأسود الدؤلى) أن يضع للناس علامات تضبط قرائتهم فشكل أواخر الكلمات ، وجعل الفتحة نقطة فوق الحرف ، والكسرة نقطة تحته ، والضمة نقطة إلى جانبه ، وجعل علامة الحرف المنون نقطتين ، ومع هذا لم تحفظه الألسنة من اللحن ، وكثر التصحيف والتحريف فى القراءة.
فخاف (الحجاج) من ذلك الأمر ، وصمم على وضع حد نهائى لهذه الإختلافات ، فطلب من كتابه أن يضعوا علامات للحروف المشتبهه ، فنقط الحروف وشكل أولها وأوسطها وآخرها ، ثم عهد (الحجاج) بعد ذلك إلى لجنة مكونة من (الحسن البصري) و (يحى بن يعمر) بإحداث الشكل.
ثم جمع (الحجاج) القراء والحفاظ والكتاب ، وطلب منهم أن يحسبوا عدد حروفة وأن يحددوا نصفه وثلثه وربعه وسبعه ، فقاموا بهذا العمل فى أربعة شهور ، وأما الأعشار فيروى أنها من عمله وقيل إنها من عمل (المأمون).
ومن التهم الباطلة التى إتهموا بها الحجاج أيضا ، ما رواه السجستانى بسنده أن (الحجاج) غير فى مصحف (عثمان) أحد عشر حرفا ، وهذه تهمة خطيرة جدا.
ولكن بالرجوع إلى رجال الرواية نجد أن (عبد الله بن أبى داوود السجستانى) صاحب كتاب (المصاحف) مجروح ... كذبه أبوه ، ونجد أيضا (عباد بن صهيب) وهو أحد الرواه ... متروك الحديث.
إذن من كل هذا نستنتج أن إسناد الرواية غير صحيح ، هذا من الناحية العلمية.
أما من حيث الوقائع فنستطيع أن نقطع بأن (الحجاج) لم يفعل ما ذكره (السجستانى) فى روايته ، فلو أنه تناول المصحف بالتغيير لشاع ذلك فى حياته ، ولم يكن الصحابة والتابعين سيسكتوا عن هذا الأمر ، ولا يمكن أن نتصور أنهم خافوا بطش الحجاج فسكتوا ، فهذه مسألة من أهم أصول الدين الذى لا يمكن لأى مسلم أن يسكت عنها ولو كان السيف مسلطا على رقبته.
المصادر :
- الحجاج المفترى علية
- مختصر صفوة الصفوة
- ميزان الإعتدال