الحجاج (19)
موقف الحجاج من الشعبى
وكما أن (الحجاج) قد قتل روؤس فتنة (ابن الأشعث) فقد عفا عن بعضهم مثل الإمام (الشعبى) فقيه أهل العراق
أمر (الحجاج) بعد انتهاء موقعة دير الجماجم مناديه أن يقول: من لحق (بقتيبة ابن مسلم) بالري فهو آمن، فكان (الشعبى) من الذين توجهوا إلى الري فذكره (الحجاج) يوما وسأل عنه فعلم بلحوقه بالري، فكتب إلى (قتيبة بن مسلم) يأمره بإرسال (الشعبي) إليه فأرسله إليه فلما قدم على (الحجاج) لقيه (يزيد بن أبي مسلم) ـ حاجب الحجاج ـ وكان صديقا (للشعبي) ـ فقال (للشعبي) : أشر علي. فقال (يزيد) : اعتذر ما استطعت، ونترك (الشعبى) ليحدثنا عن تلك المقابلة فقال (الشعبي) : وأشار بمثل ذلك إخواني ونصحائي، فلما دخلت على (الحجاج) رأيت غير ما ذكروا لي، فسلمت عليه بالإمرة وقلت: أيها الأمير إن الناس قد أمروني أن أعتذر بغير ما يعلم الله أنه الحق، وإيم الله لا اقول في هذا المقام إلا الحق، قد والله مردنا عليك وحرضنا وجهدنا فما كنا بالأقوياء الفجرة ولا بالأتقياء البررة، ولقد نصرك الله علينا وأظفرك بنا، فإن سطوت فبذنوبنا وما جرت إليه أيدينا، وإن عفوت عنا فبحلمك، وبعد فالحجة لك علينا.
فقال (الحجاج) : أنت والله أحب إلي قولا ممن يدخل علينا يقطر سيفه من دمائنا ثم يقول: ما فعلت ولا شهدت، وقد أمنت يا (شعبي)، كيف وجدت الناس بعدنا؟ فقلت: أصلح الله الأمير، اكتحلت بعدك السحر، واستوعرت الخباب، واستحلست الخوف وفقدت صالح الإخوان، ولم أجد من الأمير خلفا.
فقال (الحجاج) : انصرف يا (شعبي) فانصرفت .
ولم يقتصر العفو على (الشعبي) لأنه فقيه أهل العراق فقد عفا عن أشخاص من عامة الناس لصدقهم فيروي أنه أتى بأسيرين، فأمر بقتلهما فقال أحدهما إن لي عندك يدا، قال: ما هي قال: ذكر (ابن الأشعث) يوما أمك بسوء فنهيته فقال (الحجاج) ومن يعلم ذلك؟ قال: هذا الأسير الآخر فسألة (الحجاج) فصدقه فقال له (الحجاج) : لم لم تفعل كما فعل؟ قال: ينفعني الصدق عندك؟ قال: نعم، قال: منعني البغض لك ولقومك. فقال (الحجاج) : خلوا عن هذا لفعله وعن هذا لصدقه .
يتبع ............
المصادر :
- عيون الأخبار .
- الحجاج بن يوسف المفترى عليه .
- أثر العلماء في الحياة السياسية .
- الكامل في التاريخ