الورده الباقيه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]كم هي الوردة جميلة في منظرها ، ساحرة في
لونها ، أخّاذة في عطرها ، تشدك إليها في صمت ، وتأخذ بلباب عقلك في حياء ،
حتى تغدو أمام غيرك شاردًا ، وادعًا ، وما هي إلا لحظات وتجد نفسك هادئ
النفس ، واسع الصدر ، تتمنى حينها أن تبقى هذه الوردة ، لتدوم هذه النظرة
، لتستمر هذه السعادة .
ولكن .. أنّى لهذه الوردة الفاتنة كل هذه العطاء .. إن لم تسق بالماء !! وهي مع هذا آيلة إلى الذبول والفناء .
غير أني أدعوك أن تقترب من وردة تعطيك عطاء أبلغ من عطاء هذه الوردة التي
انشرح صدرك لها ، وأنِسْت بالنظر إليها ، وهي مع هذا لا تعرف الفناء ، بل
تتسم بالخلود والبقاء !!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وكما احتاجت تلك إلى الماء لتبقى .. ثم لتفنى ، فإن هذه الوردة تحتاج إلى أمر آخر لتبقى ولا تفنى .
لعلك أدركت المقصود .. فإن مثل هذه الوردة كمَثَلِ الحياة الزوجية
السعيدة ، المملوءة بالمودة والصفاء ، الممزوجة بالمحبة والوفاء ، ألا
يتمنى الزوجان فيها أن تبقى حياتهما كذلك ، لا في الدنيا فحسب ، .. بل في
الآخرة أيضًا ؟
قل : نعم ..
إذاً ... فإنها تحتاج إلى أن تسقى بالإيمان ،
وترعى بالخشية من الرحمن ، وتصفو بمحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ،
وتتآلف على القرآن ، وتتعاهد على نبذ المعاصي ، وتتعاون على البر والتقوى ،
وتنذر نفسها للدعوة إلى الله .. في نفسها ، وبين الذرية والأهل والإخوان ،
وتتراحم بقيام الليل ، وتتزكى بصيام النهار ، وتسمو بالجود والكرم ،
وتجتمع قلوبها على النصح بالحكمة والموعظة الحسنة ، وتتحد صفوفها أمام
إغراءات المنكر ، وتسارع في الخيرات ، وتقنع برزقها ، وتصبر في شدائدها ،
وتهفو نفوسها إلى إعداد جيل صادق مع ربه ، باذل لدينه ، عامل لوطنه .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]كم تشدني تلك الصورة الزوجية الحانية التي يقول الرسول
صلى الله عليه وسلم فيها : ( رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ
اللَّيْلِ فَصَلَّى ، ثُمَّ أَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ ، فَإِنْ
أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ ، وَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً
قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ ، ثُمَّ أَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى ،
فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ ) رواه النسائي .
ألا ما أسعدها من ساعة إيمان ، وما أرقه من نضح وفيّ ، وما أعذبه من ماء مخلص .
ألا تستحق حياة هذين الزوجين أن تبقى ولا تفنى ، ولم لا تبقى ، والله تعالى
يقول : { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ
وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ
عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ . سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ
فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } .
وهو القائل سبحانه : { إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ
فَاكِهُونَ . هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ
مُتَّكِئُونَ }.
فما أرخص حياتنا إن كانت وسيلة إلى شقوة الآخرة ، وما أغلاها إذا كانت وسيلة إلى سعادتها