الظُّلم لن يدوم
في قنٍّ جميل يقع داخل بلدة صغيرة ، عاش أربعة من الدِّيكة عيشةً هادئةً هانئة مع مجموعة من الدّجاجات والصِّيصان. وفي أحد الأيام، أحضر صاحب القنّ ِمن المدينة ديكًا روميًّا، وأدخله الى القُنّ.
استقبل أهل القُنِّ الدّيك الرُّوميّ بالترحاب وحُسن الضِّيافة ، ولكن سُرعان ما ظهرت نواياه في الضَّرب والسّيطرة ، حيث بدأ يهاجم الدِّيكة : الأسود والأحمر والبُنيّ ، وحتّى الدّيك الأبيض العجوز ، وسط تذمّر الدّجاجات واستيائهنَّ.
ومع الأيام ازدادت قساوة هذا الدّيك.
وفي يومٍ ربيعيٍّ مُشمس ، أعلن الدّيك الرُّوميّ أنّه يريد القبام بجولةٍ في الحقل القريب ، وأنّه يرغب بعد عودته أن لا يرى الدّيك الأسود في القُنّ.
خرج الدّيك الرُّوميّ الى الحقل ، متكبّرًا ومُتفاخرًا بقوته بعد أن أدمى الدّيك الأسود ، وأشبعه نقرًا وضربًا ، مُحذِّرًا إيّاه بأنَّ "علقته" ستكون سوداءَ كلونه إن عاد ووجده في القُنّ.
كانت الدّيكة الثّلاثة الباقية في ذلك الوقت ، تنظر من بعيد وهي خائفة أن تفعل شيئًا ، في حين انزوتِ الدّجاجات والصّيصان في الزّاوية البعيدة من القُنّ...وما كاد الدّيك الرّوميّ يخرج من القُنّ ، حتّى عقدت الدِّيكة الأربعة اجتماعًا طارئًا تلبيةً لطلب الدّيك الأبيض ، بحثت فيه الأمر من كلِّ جوانبه.
قال الدّيك الأبيض : " يا أحبائي وأهل عشيرتي ، لقد أصبح وضعنا صعبًا ، وذلك بعد أن ازدادت قساوة الدّيك الرُّوميّ ، ولم يبقَ أمامنا الا التّصدّي له، ولا يأتي هذا التّصدّي الا بالوحدة ...فهيّا نتحضّر بسواعدنا ، لكي نقف وِقفة رَجُلٍ واحد أمام هذا الدّيك عند عودته ، وكونوا على يقين بأنّنا نستطيع أن نتغلّب عليه، وأن نطرده من هنا".
لقد أصبت يا صديقي بقولكَ ..صاح الدّيك الأسود وسأكون أوّل من يصرخ في وجهه ويتصدّى له...
وهذا ما قالته ايضًا بقيَّة الدِّيكة ، وبهذا تمَّ الأتفاق ، وانتهى الاجتماع.
بعد ساعةٍ عاد الدّيك الرُّوميّ الى القُنِّ ، فرفسَ بابه بِرجلِه كعادته وهمّ بالدّخول ، فاعترض طريقه الدّيكُ الأسود صائحًا في وجهه صيْحةً قويّةً : " إلى أين أيّها القاسي ، لم يعُد لك مكانٌُ بيننا ، أخرج من هنا فأنت شخصيّة غير مرغوب فيها ..لا نُريدك أن تعيش بيننا".
ضحك الدّيك الرُّوميّ عاليًا وقال :
" أنسيتَ يا صاحبي " علقة" الصّباح ....وهمّ بالهجوم عليه.
فهجمت عليه الدِّيكة الأربعة من جميع الجوانب بقوّةٍ وعزمٍ شديديْنِ وأشبعوه نقرًا ونتفًا وسْط تصفيق الدَّجاجات والصّيصان بأجنحتها.
وبعد أنِ انتهت المعركة ، ظهرت علامات الضَّرب على الدِّيك الرُّوميّ ، وما كان منه الا أن فرَّ هاربًا من القنّ وهو يصيح من أوجاعِهِ وآلامِهِ.