السلطان محمد الفاتح ( 7 ) و النهاية
[ صاحب بشارة رسول الله]...القسطنطينية تلك المدينة التى كتب عنها نابليون بونابرت فى مذكراته من منفاه فى جزيرة ( سانت هيلينا) أنها عاصمة العالم بأسره إذا ما كان العالم دولة واحدة بل ان هذه المدينة حظيت باهتمام كبير من رسول الله صل الله عليه وسلم على عظمته وقدره ، ليس من اجل جمال طبيعتها الخلابة وموقعها الاستراتيجى الخطير بين أوروبا واسيا ، بل لأن القسطنطينية كانت بمثابة [ الفاتيكان] قبل فتح المسلمين لها ، بل إن اسم القسطنطينية مشتق من اسم الإمبراطور الرومانى ( قسطنطين) الملك الذى أقرت فى زمنه أسس الديانة المسيحية الحديثه التى تعتقد بألوهية المسيح عليه السلام
أضف إلى ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مدح فاتح القسطنطينية بنفسه عندما قال : ( لتفتحن القسطنطينية ، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش) ، لذلك أراد كل قائد عظيم من عظماء المسلمين أن ينال شرف فتحها ليكون صاحب بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحاصرها المسلمون إحدى عشرة مرة ، فكان أول بطل منهم هو القائد الأموى يزيد بن معاوية رحمه الله ثم عاود القائد الأموى البطل مسلمة بن عبد الملك بن مروان رحمه الله الكرة مرتين على القسطنطينية ، الأولى فى عهد الخليفة الأموى سليمان بن عبد الملك ، والثانية فى عهد الخليفة الأموى عمر بن عبد العزيز { أنظر إلى همة الأمويين ! } .وعلى الرغم من أن فتح القسطنطينية وحده يؤهل السلطان محمد الفاتح لكى ينظم إلى قافلة العظماء فى تاريخ الإسلام ، إلا أن الفاتح لم يكتف بذلك ، فعظمة السلطان محمد الفاتح لا تكمن فقط فى كونه هو الرجل الذى فتح القسطنطينية فحسب ، بل تكمن بما فعله بعد فتحه تلك المدينة العظيمة ، حيث أمر بالعفو عن جميع النصارى فى القسطنطينية ، وأمنهم على أرواحهم وممتلكاتهم ، وأمر بترك نصف عدد الكنائس للنصارى وتحويل النصف الآخر إلى مساجد يذكر فيها اسم الله ، على الرغم من أن قانون الحرب فى ذلك الزمان يتيح للفاتح أن يفعل ما يراه فى البلد المفتوح ، وقارن ذلك بما فعلة الصليبيون الكاثوليك من مجازر فى حق إخوانهم من الأرثوذكس فى القسطنطينية إبان زمن الحروب الصليبية ، وقارن ذلك بما فعله الإسبان من مجازر فى حق المسلمين ومن تحويل كل مساجد الاندلس الى كنائس وحرق كل مكاتبها ، ثم دعاء الفاتح السكان الهاربين - من أرثوذكس وكاثوليك ويهود - إلى العودة إلى بيوتهم بالمدينة وأمنهم على حياتهم ، كذلك أطلق السلطان محمد الفاتح سراح السجناء من جنود وسياسيين ، ليسكنوا المدينة ويرفعوا من عدد سكانها ، وأرسل إلى حاكم المقاطعات فى الروملى والأناضول يطلب منهم أن يرسلوا أربعة آلاف أسرة لتستقر فى العاصمة، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهود ، وذلك حتى يجعل من مجتمعها مجتمعا متعدد الثقافات . وأمر ببناءالمعاهد والقصور والمستشفيات والخانات والحمامات والأسواق الكبيرة والحدائق العامة ، ولم يكتف هذا الفاتح الإسلامى العظيم بفتح القسطنطينية التى تكفل له الخلود فى صفحات التاريخ الإنسانى ، بل قام أيضا بفتح بلاد الأفلاق ( رومانيا) وبلاد البوشناق ( البوسنه والهرسك ) وبلاد البغدان( مولدافيا) وبلاد القرم ( أوكرانيا) وبلاد القرمان ( جنوب تركيا) ، وفتح الفاتح بلاد الفلاخ الرومانية بعد أن هزم ملكها السفاح ( دراكولا) ، ( ودراكولا هذا هو نفسه دراكولا مصاص الدماء الشهير ، وما لا يعلمه شبابنا من محبى أفلام الرعب أن البطل المسلم محمد الفاتح هو من قتل دراكولا الذى كان يعيث فسادا فى الأرض) ، وفتح الفاتح ( بلغاريا ) و(ألبانيا) و( المجر ) و( مقدونيا) و( الجبل الأسود - مونتينيغرو) و( كرواتيا) و( صربيا) و( سلوفينيا)و ( سلوفاكيا) ، وفتح بلاد الإغريق ( اليونان) وحافظ على تراثها القديم ، وفتح الفاتح ( المجر ) وأجزاء من ( روسيا ) وحاصر ( رودس) ، وفتح الفاتح جنوب ( إيطاليا) لكى ينال شرف فتح القسطنطينية وروما فى آن واحد ، وفعلا تقدم نحو روما ، إلا أن الله سبحانه وتعالى أراده إلى جواره بعمر ٥٣ سنة فقط قضاها فى نشر دين الله فى أصقاع أوربا ، ولكى تنتهى بذلك قصة خالد إسلامى عظيم احتفل بابا روما شخصيا ثلاثة أيام بموته وقال عنه المؤرخ الفرنسى الشهير ( جى ييه)
: [ ينبغى على جميع النصارى فى العالم أن يدعو الرب ألا يظهر مرة أخرى رجل فى صفوف المسلمين مثل السلطان محمد الثانى] .والذى لا يعرفه الكثيرون عن سيرة هذا العظيم الإسلامى العظيم ، أنه لم يكن بطلا عسكريا فحسب ، بل كان شاعرا من اعظم شعراء المسلمين على مر التاريخ ، له ديوان فى غاية الروعة لا يتسع المجال هنا لذكر ما يحتويه من رقائق ورواءع ، وكان هذا العملاق التركى حافظا لكتاب الله ، عاملا بسنة رسوله ، معظما للعلماء وكان يتقن العربية والعثمانية والفارسية والسلافية واللاتينية والاغريقية ، وكان أعوانه يشاهدونه يبكى فى ظلمات الليل وهو يصلى لله ويتضرع له . فصدق الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم ، فنعم الأمير أنت أيها السلطان محمد ، فرحمك الله أيها العظيم الإسلامى العظيم ، يا صاحب بشارة رسول الله .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]