الحجاج ماله وما عليه (2)
بداية جندية الحجاج وإعجاب عبدالملك به
ولد (الحجاج) بقرية الكوثر وهى إحدى قرى الطائف سنة 41 هجريا ، وكان لهجة أهل الطائف من أقوم لهجات الجزيرة العربية ، واشتهر أهلها بحضور البديهة وحسن التفكير والفصاحة ، وفى هذا الجو نشأ (الحجاج) فكان لغويا دقيقا فى لغته فصيحا بليغا فى خطاباته ، وقد حفظ القرءان فى كنف أبيه وأجاده ، وكان عالما بتفسير القرءان ورواية الحديث ، حافظا لكثير من أشعار العرب ، وسمع التفسير من حبر الأمة (عبد الله بن عباس) ، وروى الحديث عنه وعن (أنس بن مالك) وغيرهم ، وكان (الحجاج) من رواة الحديث إلا أن علماء الحديث لا يوثقونه لا لضعف مكانته العلمية ، وإنما أخذوا عليه إرتكابه لبعض العظائم.
بدأ حياته بإنخراطه فى سلك الجندية فى سن الخامسة والعشرين ، وذلك كان فى الحملة الذاهبة إلى مصر لتخليصها من يد (عبد الرحمن بن جحدم الفهرى) عامل (ابن الزبير) ، ثم اتصل (الحجاج) ب (روح بن زنباع) صاحب الشرطة وتقرب منه ، وكان (عبد الملك بن مروان) يستشير (روح) فى كل الأمور ولا يكاد يفارقه .
ولما أراد (عبد الملك) التوجه لقتال زفر بن الحارث (من أتباع عبد الله بن الزبير) بقرقيسياء ، وجد صعوبة فى تعبئة الجيش وجمع الجنود ، لأن الجيش كان مختل النظام لا يرتحل برحيل القائد ولا ينزل بنزوله ، وفاتح (عبد الملك) فى ذلك (روح بن زنباع) واستشارة فى الأمر ، فقال له (روح) : يا أمير المؤمنين إن فى شرطتى رجلا يقال له (الحجاج بن يوسف) ، لو قلده أمير المؤمنين أمر عسكره لأرحلهم برحيله وأنزلهم بنزوله.
فقال (عبد الملك) : فإنا قد قلدناه ذلك ، فكان بعد ذلك لا يقدر أحد على التخلف إلا أتباع (روح بن زنباع) فوقف عليهم (الحجاج) مرة وهم يأكلون ، وقال : ما منعكم أن ترتحلوا برحيل أمير المؤمنين ؟ فسخروا منه ووجهوا له ألفاظا قارصة ، وطلبوا منه أن ينزل ليأكل معهم فأبى ، ثم أمر بهم فجلدوا بالسياط ، وطوفهم بالمعسكر ، وقطع أطناب خيمهم وأشعل النار فيها.
وعلم بذلك (روح بن زنباع) فدخل على (عبد الملك) شاكيا (الحجاج) ، فطلبه (عبد الملك) وقال له من فعل ذلك بغلمان (روح) ؟
فقال (الحجاج) : ما أنا فعلت يا أمير المؤمنين قال : ومن فعله ؟!!!
قال (الحجاج) : أنت والله فعلت فإنما يدى يدك وسوطى سوطك ، وما على أمير المؤمنين أن يخلف على (روح) عوض الفسطاط فسطاطين والغلام غلامين ولا يكسرنى فيما قدمنى له.
فأعجب (عبد الملك) به وقال : إن شرطيكم لجلد ، ثم أقره على ماهو عليه ، وزاد ذلك فى منزلته عنده.
فلما طال القتال بين (عبد الملك) (وزفر) ، أرسل (عبد الملك) وفدا لمفاوضة (زفر بن الحارث) برئاسة (رجاء بن حيوة) وكان (الحجاج) من بين أعضاء الوفد ، ولما حضر الوفد عند (زفر) فى وقت وجوب الصلاة ، فقام (رجاء) وصلى مع (زفر) وصلى (الحجاج) وحده ، فسئل عن ذلك فقال لا أصلى مع منافق خارج على أمير المؤمنين وعن طاعته.
فسمع (عبد الملك) بذلك فزاد إعجابه بالحجاج ورفع قدره وولاه [تبالة] وهى أول ما ولى (الحجاج) ولكنه إعتذر لأمير المؤمنين عن الولاية وطلب منه عملا فى الجيش ، فولاه (عبد الملك بن مروان) شرطة [فلسطين] لأخيه (أبان بن مروان)
يتبع .........
المصادر :
- البداية والنهاية ... ابن كثير
- الحجاج المفترى عليه ... د. محمود زيادة
- النجوم الزاهرة
- العقد الفريد
الحجاج_المفترى_عليه
معركة_الوعى
فرسان_التاريخ
لنا_عودة