الحجاج ما له وما عليه (7)

الحجاج ما له وما عليه (7)

بعدما إنتصر (الحجاج) على (ابن الزبير) ولاه الخليفة (عبد الملك بن مروان) على مكة ، ثم كافأه على خدماته فأضاف إليه اليمن واليمامة ، أما المدينة فقد ظل (طارق بن عمرو) واليا عليها ، وحج (الحجاج) بالناس فى هذا العام (73هجريا) فعمل على جمع المسلمين على لواء واحد بعد أن كانوا يحجون تحت ألوية مختلفة.

ثم عزل (عبد الملك) (طارق) عن المدينة وأضافها إلى الحجاج ، فخرج إليها وإستخلف علي مكة (نافع بن علقمة الكنانى) ، وسار إلى المدينة ، وغمر الناس بعطاياه ، واقترض من التجار أمولا وفرقها على الناس ، ثم خرج من المدينة إلى مكة معتمرا ، بعد أن مكث بها مدة وجيزة لا تزيد على ثلاثة أشهر .

وقد بالغ بعض المؤرخون فى تصوير ضجره بأهل المدينة حيث نسب إليه أنه قال : " الحمد لله الذى أخرجنى من أم نتن أهلها ، أخبث بلد وأغشه لأمير المؤمنين ، وأحسدهم له على نعمة الله ، والله لولا ما كانت تأتينى كتب أمير المؤمنين فيهم لجعلتها مثل جوف الحمار ، أعوادا لا يعودون بها ، ورمة قد بليت يقولون منبر رسول الله وقبر رسول الله "

ومن الصعب أن تصدر مثل هذه العبارات من (الحجاج) ، ويدل على ذلك أن (ابن خلدون) أراد أن لا يتحمل تبعتها فقال : "ونسبت إليه أقوال أمره فيها موكول إلى الله"
كما أن كثيرا من المؤرخين لم يشير إليها.

ومضى على (الحجاج) زمن بالحجاز وهو يعمل على تعمير البلاد ، وأعاد الكعبة إلى ما كانت عليه زمن الرسول ﷺ بعد هدم الزيادة التى أدخلها (ابن الزبير) فيها ، وكفل لأهل مكة موارد المياة ، بإشتقاق الآبار وإقامة السدود ، وبنى مسجدا فى بنى سلمة بالمدينة وسهر على إقامة حكومة عادلة حازمة.

وإستقرت الأحوال (لعبد الملك بن مروان) فى الحجاز بعدما وقعت فيه من حوادث كانت تودى بالدولة الأموية ، لولا حسن سياسة (عبد الملك) وتوفيقه فى إختيار (الحجاج) الذى أعاد السلام إلى الأرض المقدسة ، ووطد نفوذ الدولة الأموية فيها بالقضاء على خصمه (ابن الزبير).

وبعد القضاء على (ابن الزبير) تنفس (عبد الملك) الصعداء ولم يبق أمامه ما يشغل باله ويقلق فكره سوى بلاد العراق مهد الثورات وموطن الخارجين على الخلافة.

يتبع ..........

المصادر :
- الحجاج المفترى علية ... د-محمود زيادة
- أنساب الأشراف ... البلازرى